فــرح بهيـــة/ بقلم راوية مرة


من السابق جدا لأوانه الشروع في محاولة لتحليل ما يحدث في الشرق الأوسط انطلاقا مما يحدث في مصر الآن.لكن حين يحدث زلزال حاد في إحدى بقاع الأرض، فأننا لا نتورع عن تسميته باسمه الحقيقي. الزلزال المصري ومركزه في ميدان التحرير في قلب القاهرة يهز الأرض تحت أقدام العرب كلهم ويهز صورتهم أمام أنفسهم ويحرك ما يوجد في داخلهم بدون انقطاع. لم يهدأ الزلزال بعد. لن تتضح الصورة إلا في وقت أبعد مما نتمناه الآن والهزات الارتدادية هي التي ستأتينا بكبريات المفاجئات. نحن غير قادرين على استيعاب الصورة بكل أبعادها.

لهذا نجد الهواء مخثرا بعلامات الاستفهام. وعينا كسطح ماء لامع يعكس كل ما يحدث دون أن يتأثر بحد ذاته. الشخص الذي أفكر به كثيرا اليوم هو أبي. أبي الذي قتل قبل أن يتم إغتصاب مصر. وها هو اليوم غائبا، حين تستعيد مصر شرفها. بأسنانها وبأظافرها تقاوم المغتصبة المومياوات التي انبعثت من أكثر صالات التاريخ ظلام، لتلطخ شرفها دهرا. كان أبي يعشق مصر، أو بهية،كما يفضل عشاق مصر أن يدعوها. كان أبي يعشق مصر إلى درجة أنه منحنى وأخوتي أسماء مصرية بحته.

الحزن والغضب يرافقانني منذ سنوات طفولتي الأولي. منذ أن أدركت أنني لاجئة. إنني وبكل بساطة عاجزة عن احتواء كمية الفرح هذه، التي تنتابني وتنتاب العرب كلهم، حين نرى المشاهد التي تتدفق علينا من مصر. مصر، الجرح الأعمق في قلوبنا بعد فلسطين، ها هو يلتئم. مصر، ظهرنا المكسور، يبدو سليما معافى. مصر، وريدنا المذبوح، يعود ويغذي أرواحنا بالدم والأوكسجين. لو كنت متدينة لارتميت على الأرض وصليت لقوى عليا أن تمنح المصريين القوة على متابعة المسيرة. لو كنت هناك، لارتميت تحت أقدامهم وقبلتها لأعبر عن امتناني لهم.

لكنني لست هناك. أنا هنا وليس أمامي سوى أن أسلي نفسي بصور الخاسرين الذين يوشكون على الاختناق هنا وهناك. الإسرائيليون ومستوطناتهم التي لا تنقطع يحرزون طبعا الجائزة الكبرى في هذا السباق.

أفكر بعبيد اسرائيل وأمريكا في المنطقة العربية. من بيروت إلى رام الله إلى مدينة هنا وهناك على طول الوطن العربي وعرضه. أفكر مثلا بالسفاح سمير جعجع الذي أرسال مجموعات من الشباب اللبناني للتدريب العسكري في مصر طوال عام 2010 حيث تلقى هؤلاء التدريب سرا في شرم الشيخ. لا تسألوني من الذي أعطاه المهمة لأنكم تستطيعون معرفة الجواب بأنفسكم.لقد شخذ جعجع أسنانه ليغرزها في أجساد أبناء بلده للمرة الألف. لقد درب جعجع قطعانا من الشباب ليستخدمها في قتل أبناء لبنان. حسنا، فلينعم جعجع وآلات القتل التي تم تخريجها حديثا، بالخازوق! ها هو عراب الخونة كلهم، وآخر الفراعنه، يسقط أمام أعيننا. ثم أنني أنصح محمود عباس بالمغادرة مع مبارك. حين يقطع رأس الأفعى، لا يكون مصير الجسد سوى البقاء على الأرض ليتعفن ويختفي. مع إختفاء مبارك تختفي غالبية معذبينا والقسط الأكبر من كوابيسنا. سيختفي مصاصو الدماء والخونة واللصوص والناهبون والقوادة والسفاحون وسينتهي بهم المطاف إلى أعفن مزابل التاريخ.

عسى القلب يتسع لكل هذا الفرح. عسى العين تعتاد على رؤية الوهج الهائل لكل هذا النور. ها هم العرب يثورون ويبدون كما هم. لا يغطي الفراء أجسادهم. ليس لهم ذيول ولا أنياب جارحة. وليسوا استنساخا لا متناهيا لبن لادن. إنهم بشر كباقي أبناء البشرية. ينشدون الحياة ويرفضون الذل الذي يفرضه عليهم الإحتلال الداخلي والخارجي. جمالهم رائع ساطع وهم يتعطشون إلى الحرية والديمقراطية. عيونهم تشتعل شوقا إلى اللحظة التي يجدون بها أنفسهم. أخيرا. العرب متعلمون واستعملوا أكثر التقنيات تطورا في العالم لتنظيم ثورتهم منذ سنوات طويلة. هاهم يصلون إلى أقدس أقداس أحلامهم، التحرير. وباحتقار ينظرون إلى ما كان أمس. فلتعلق ميركل، وليعلق ساركوزي، ولتعلق كلينتون. فليعلق العالم بأكمله إذا شاء. لقد نهض المارد من سباته. لقد بدأ المارد بالسير صاما إذنيه أمام تعليقات العالم بأسره.

أنا هنا وأحاول أن أتخيل الفرح في كل العيون التي أحبها والتي لا أستطيع رؤيتها. الفرح لرؤية بهية وهي تنتصب واقفة. أكثر طهرا وعزة وجمالا مما كانت عليه منذ الأزل.

Det här är Rawias post från igår – fast på arabiska…

it , , , , , , , , ,

, , ,

Ett svar till “فــرح بهيـــة/ بقلم راوية مرة”

  1. تعدد الثقافات واللغه هو من سمات المجتمع الصالح
    Mångkulturalism och språk är typisk för ett gott samhälle